أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر المقالات

حكومة أخنوش تحت المجهر: بين أوراش الدولة الاجتماعية وصدمة الأسعار... هل فشلت حقاً؟

مع مرور سنوات على تشكيلها، تجد الحكومة المغربية الحالية نفسها في قلب عاصفة من التقييمات الشعبية والسياسية. فبينما تبرز أرقامًا وتقارير رسمية تتحدث عن إنجازات هيكلية كبرى، يرتفع صوت الشارع معبرًا عن خيبة أمل ومعاناة يومية. في "اجي تسمع"، نضع هذه الحصيلة تحت المجهر، لنفهم التناقض بين الرواية الرسمية والواقع المعيش، ونجيب عن السؤال الصعب: هل فشلت الحكومة فعلاً في مهامها؟

للإجابة على هذا السؤال، لا بد من تفكيك المشهد إلى جزأين: واجهة الإصلاحات الكبرى، والأسباب العميقة للشعور بالفشل لدى المواطن.

ما تحقق: واجهة الإصلاحات الكبرى

لا يمكن لأي محلل موضوعي أن ينكر أن الحكومة الحالية، وبتوجيهات ملكية سامية، أشرفت على إطلاق وتنزيل أوراش استراتيجية غير مسبوقة. هذه الأوراش تمثل الجانب المضيء في حصيلتها:

  • تنزيل ورش الحماية الاجتماعية: يعتبر هذا المشروع ثورة اجتماعية حقيقية، حيث تم توسيع التغطية الصحية لتشمل ملايين المغاربة عبر "AMO تضامن"، وبدأ صرف التعويضات العائلية المباشرة للأسر الهشة. هذا إنجاز تاريخي يُحسب للحكومة على مستوى التنفيذ.
  • إصدار ميثاق الاستثمار الجديد: بهدف تحرير الطاقات الاستثمارية وخلق فرص الشغل، عملت الحكومة على إخراج ميثاق طموح يهدف إلى رفع حصة الاستثمار الخاص، وهو ورش أساسي لضخ دماء جديدة في الاقتصاد الوطني.
  • تدبير الأزمات المتتالية: واجهت الحكومة تحديات كبرى، من تداعيات جائحة كوفيد-19، مرورًا بأزمة الجفاف الحادة، وصولًا إلى الزلزال المدمر الذي ضرب منطقة الحوز. وقد أظهرت قدرة على التعبئة وتدبير الموارد في هذه الظروف الصعبة.

لماذا إذن يتحدث الشارع عن الفشل؟

رغم أهمية الإصلاحات المذكورة، إلا أن تأثيرها الإيجابي لم يصل بعد إلى جيوب ومعيشة أغلبية المواطنين. وهنا تكمن جذور الإحساس بالفشل، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. التهاب الأسعار وتآكل القدرة الشرائية

هذا هو السبب الرئيسي والمباشر لسخط المواطنين. موجة الغلاء غير المسبوقة التي طالت المحروقات والمواد الغذائية الأساسية ضربت بقوة القدرة الشرائية للأسر، خاصة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة. الإجراءات الحكومية، مثل دعم مهنيي النقل، بدت غير كافية ولم تنجح في لجم هذا التضخم الذي جعل المواطن يشعر بأن الدولة تخلت عنه في معركته اليومية مع "القفة".

2. الحوار الاجتماعي المتعثر وضعف الزيادة في الأجور

في ظل هذا الغلاء، كانت آمال الموظفين والطبقة العاملة معلقة على حوار اجتماعي يفضي إلى زيادة عامة وملموسة في الأجور. لكن نتائج الحوار الاجتماعي ظلت دون التوقعات، مما عمّق الشعور بأن الحكومة منحازة لأرباب العمل على حساب الأجراء، وأنها لا تملك الإرادة السياسية لتحسين الأوضاع المادية للمواطنين بشكل حقيقي.

الإصلاحات الكبرى تحتاج إلى وقت لتؤتي أكلها، لكن ألم الأسعار فوري ومباشر. هذا التفاوت في الإيقاع هو جوهر الأزمة الحالية.

3. بطء تنزيل الإصلاحات الحيوية

إذا كانت الحماية الاجتماعية قد انطلقت، فإن إصلاحات أخرى حيوية كالتعليم والصحة لا تزال متعثرة. المواطن لم يلمس بعد تحسنًا جوهريًا في جودة المدرسة العمومية أو المستشفى العمومي. هذا البطء يجعل الأوراش الكبرى تبدو مجرد شعارات بعيدة عن واقعه اليومي.

4. أزمة التواصل والثقة

أخيرًا، فشلت الحكومة بشكل واضح في التواصل مع المواطنين. الخطاب الحكومي بدا في كثير من الأحيان متعاليًا، تقنيًا، وبعيدًا عن هموم الناس. هذا الغياب لتواصل فعال وصادق خلق هوة من انعدام الثقة، وجعل المواطنين يشعرون بأن الحكومة تعيش في كوكب آخر، غير مدركة لحجم معاناتهم.

حصيلة متناقضة وحكم للتاريخ

في نهاية المطاف، حصيلة الحكومة تبدو ذات وجهين: وجه الإصلاحات الهيكلية الطموحة التي قد تؤتي أكلها على المدى البعيد، ووجه الفشل في تدبير المعيش اليومي للمواطن وحمايته من صدمة الغلاء. يمكن القول إنها حكومة "المشاريع الكبرى" لا حكومة "الناس البسطاء".

الحكم النهائي يبقى للتاريخ، ولكن في حاضرنا، الشعور العام يميل نحو الفشل، ليس بالضرورة بسبب غياب العمل، ولكن بسبب غياب الأثر الملموس لهذا العمل على حياة أغلبية المغاربة.

وما هو تقييمك أنت؟ شاركنا رأيك في التعليقات.

تعليقات